جدتى والحكاية الشعبية

كانت جدتى تجلس فى ليالى الشتاء الباردة على سريرها و ونحن نتحلق حولها ونطلب منها أن تحكى لنا حكاية ( حدوتة قبل النوم ) فكان لابد من لزمة البداية , وتبدأها : بصلوا على النبى , نردد نحن الصغار فى خشوع وأدب : عليه الصلاة والسلام يانبى , كان ياما كان ياسعد يا أكرام ولا يحلى الكلام الا بذكر النبى عليه الصلاة والسلام , وتبدأ فى سرد حدوتتها بصوت رخيم , فتطوف بنا فى بلاد الجان والغيلان و ونتتبع سيرة الأميرة الجميلة ( ست الحسن والجمال ) وننتظر قدوم ( الشاطر حسن ) بحصانه الأبيض الجميل الذى سوف يخطفها عليه وتنتهى الحكاية بلازمة توتة توتة خلصت الحدوته , أو كنت هناك وجيت وكلت فرخة وديك . وكانت تحكى لنا ايضا حكاية ( بير زويلة والمعيز الثلاثة وغيرها من الحكايات الكثيرة ) وتقلد الأصوات , ونفرح ونصوصو حولها مثل الكتاكيت الصغيرة , وكنا دائما نطلب حدوتة ( ست الحسن والجمال ) كل ليلة لما بها من جمال وتشويق وظلم وأنتصار وتحالف قوى الطبيعة مع البنت الجميلة و كم سهرنا نتخيل الشاطر حسن او الأمير وهو يقضى على زوجة الأب الشريرة , وكنا نعتقد أن جدتى هى التى تؤلف لنا الحكايات خصيصا , لأنها كانت فى كل ليلة تروى لنا بطريقة مختلفة وتحذف وتضيف وأحيانا تنسى فنذكرها بما قالته سابقا فتضحك وهى تقول : ده كان أمبارح , النهاردا حصل أيه بقى , وتسرد الحكاية واصفة لنا البلاد والجبال والبحار والحيوانات وكأننا على بساط الريح يحملنا ويطير بنا محلقين فى أجواء العالم الفسيح , وبعدما توفيت جدتى , أنقطع هذا العالم الساحر ودمرت الثقافة الشعبية فى بيتنا فأضطررت للبحث عن الثقافة الورقية والتشويق فى عالم الكتب الصامت .

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أغنية أنا سندباد

أغنية نحن القدماء المصريين

لعبة فتحى ياوردة الجديدة